كما هو معروف لمتابعي قناة آي فيلم فإن القناة تعرض لكم المسلسل التاريخي الرائع شهريار وذلك يوميا في تمام الساعة الثامنة مساء بتوقيت مكة المكرمة.
ووجدنا أنه من الجميل أن يتعرف الجمهور الكريم على هذه الشخصية البارزة في تاريخ الأدب والشعر الإيراني المعاصر ويعرف هذا الشاعر الكبير خصوصا بعد أن تكونت لديه صورة عن الشاعر شهريار وما عاناه ومن الطبيعي أن المسلسل لن يعرض سوى فصول قصيرة من حياته المليئة بالإبداع.
ولد الشاعر العرفاني الكبير سيد محمد حسين بهجت التبريزي والملقب بشهريار في عام 1946 للميلاد في محلة ميرزا نصرالله التبريزي الواقعة في "جاي كنار" في محافظة تبريظ.
هاجرت اسرته إلي قرية قيش قورشان وخشك ناب المعروفة بطبيعتها الخلابة والساحرة وذلك بسبب الاحداث الدامية التي رافقت الحركة الدستورية المعروفة بـ (المشروطة)، التي شهدتها مدينة تبريز فقضى هذا الشاعر فترة طفولته في طبيعة هذه القرية الجميلة فعشق اشجارها وجداولها و نسائمها الندية، وهذا ما انعكس في احدي قصائده المعروف بـ (حيدر بابا) التي نظمها بالتركية وحيدر بابا هو اسم احد جبال آذربيجان الشاهقة الذي يتغنى به الآذربيجانيون ويعتبرونه رمزاً للشموخ والكبرياء.
في عام 1952 انتسب إلى المدرسة المتحدة من أجل أن يتعلم العلوم الحديثة، وعُرف شهريار بنبوغه حيث صدرت له اول قصيدة بشكل رسمي ولم يتجاوز عمره الثامنة. كما اتجه إلى تعلم اللغة الفرنسية والعلوم الدينية وكذلك الخط حتى تمكن من كتابة وخط المصحف الشريف بيده المباركة.
في سن الثالثة عشرة كان هذا الشاعر الكبير ينشر قصائده في المجلات الادبية تحت اسم (بهجت)، الا انه عندما سافر وللمرة الاولى إلى طهران وذلك في شهر يناير عام 1921 م اراد ان يغيّر لقبه الشعري او ما يطلق عليه (التخلص الشاعري او الشعري)، فلجأ إلي ديوان حافظ الشيرازي ليتفاءل به فلما فتح الديوان واذا بالبيت التالي:
غم غريبي وغربت چوبرنمي تابم
روم به شهر خود وشهريار خود باشم
وترجمته:
لم اعد احتمل همّ الغربة
فلا أعد إلى شهريار مدينتي
عند ذلك اعتمد اسم شهريار لقباً شعرياً له بدلا من اسم بهجت، واخذ فيما بعد ينظم قصائده تحت هذا الاسم. في عام 1922 وبناء علي اقتراح الجراح لقمان الملك انتسب إلى دار الفنون.
وأوّل من تعرف عليه شهريار في طهران هو الموسيقار الاستاذ ابو السحن صبا، فتعلم منه العزف على التار في حين واصل دراسة العلوم الدينية في دار الفنون، اضافة إلى مشاركته في حلقات الدراسة الحوزوية (العلوم الاسلامية) في مسجد سبه سالار.
في عام 1924 دخل المعهد الطلبي وبدءاً من هذا العام عاش شهريار ظروفاً صعبة تركت اثراً في نفسه. ففي عام 1934 بينما كان شهريار في خراسان توفي والده ومعلمه مير آقا خشك نابي وفي عام 1935 عاد إلى طهران، حيث بدأ اسمه يشتهر واشعاره تنتشر ليصبح احد شعراء ايران المميزين، حيث اخذ ينظم شعره باللغتين الفارسية والتركية الآذربيجانية بمهارة تامة، وفي الفترة 1950-1951 نظم قصيدته الاولى باللغة التركية وقد حملت عنوان (حيدر بابا) فنالت اعجاب رواد الادب وحصلت على شهرة كبيرة حيث ترجمت في الاتحاد السوفيتي السابق إلى اكثر من 90 في المئة من لغات جمهوريات هذا الاتحاد.
في شهر اغسطس عام 1952 اقترن بالسيدة عزيزة عميد خالقي، وهي من اقاربه فانجبت له ثلاثة ابناء هم شهرزداد و مريم وهادي وفي عام 1975 توفيت زوجته فتأثر كثيراً لفراقها حتى نظم لها قصدية ضمّنها احزانه وآلامه.
كان شهريار يعيش معاناة شعبه وما يواجهه من اضطهاد علي يد النظام المقبور، لذا عندما انتصرت الثورة الاسلامية حيّاها ونظم لها كما التقى قائد الثورة الاسلامية الامام الخامنئي، عندما كان رئيساً للجمهورية وقرأ بحضوره قصيدة نظمها بحقه والتي مطلعها:
رشگم آيد كه تو (حيدربابا)
بوسي آن دست كه خود دست خداست
افرح يا (حيدربابا) فقد قبلّت يداً مقدّسة
قبلت يسراه وقد بارك الله بيمناه...
و(حيدربابا) هو ديوانه الشعري الذي قدمه إلى الامام الخامنئي دام ظله في هذا اللقاء.
لقد امضي شهريار آخر سنوات عمره في طهران، وكان شديد الشوق للسفر إلى شيراز وزيارة قبرالشاعر الكبير حافظ الشيرازي، الا ان رغبته لم تتحقق نتيجة لظروف خاصة حالت دون ذلك فسافر الى تبريز ليقضي ايامه الاخير هناك حيث وافاه الاجل في 27 سبتمبر 1988 و دفن في مقبرة الشعراء في تبريز عملاً بوصيته.
ح.خ/ح.خ