البث الحي
Ifilm App Android Ifilm App Android
فارسی English

سياحة

"التغريبة الفلسطينية" في ذكرى النكبة

لا يمكن أن تمر ذكرى نكبة فلسطين الخامسة والسبعون، من دون العودة إلى مسلسل "التغريبة الفلسطينية" (2004) الذي صنعه المخرج السوري الراحل حاتم علي (1962 - 2020). لا يزال يمثّل المسلسل، حتى اليوم، مرجعاً قيّماً لمن لا يعرف حكاية النكبة، خصوصاً أن الاحتلال الإسرائيلي راهن على الوقت كي ينسى الناس كل شيء.

في الذكرى الـ56 من النكبة، أخرج مؤلف المسلسل، الكاتب وليد سيف، أوراقه ليقدم دراما، أو تراجيديا تاريخية، مؤلفة من 31 حلقة، عرضت على القنوات العربية ضمن موسم رمضان 2004، وحملت في أحداثها روايات عن فلسطين. لكن مشهداً واحداً من "التغريبة الفلسطينية"، تحوّل مع الوقت إلى "ترند"، يجسد صورة الممثل السوري الراحل خالد تاجا باكياً على وطنه في دور صالح أبو أحمد، رب الأسرة، وهو فلاح بسيط، يكافح ويتحمّل أعباء الحياة والظلم.

واعتبرت شارة المسلسل التي أداها عامر حسن الخياط واحدة من الأناشيد "الثورية" لفلسطين، شعر إبراهيم طوقان ولحن للموسيقي طاهر مامللي.

بلهجة فلسطينية، يؤدي الممثلون أدوارهم. الممثل جمال سليمان في دور أحمد أبو صالح، الأخ الأكبر لأبناء أسرة يونس التي تعاني من الفقر. لاحقاً، يلتحق أحمد بالثورة ضد الاحتلال من أجل قريته ووطنه.

لم يكن دور زميل سليمان، الممثل تيم حسن، يقل حرفية، خصوصاً أنه تولى رواية العمل بصوته. لعب حسن دور علي الشيخ يونس، الشاب المتعلّم الذي يسعى لتحصيل علمه، ويصبح أستاذاً محاضراً، ثم يحصل على دكتوراه من الولايات المتحدة، لكنه يظل مقاوماً رافضاً للاستعمار، وكذلك الشاب المقدام حسن الشيخ يونس (باسل خياط) الذي يفضل الالتحاق بمجموعات المقاومة ضد الاحتلال بدلاً من إكمال تحصيله العلمي. كذلك يحضر الممثل مكسيم خليل بدور الطبيب أكرم السويدي الذي يعمل ضمن النشاط السياسي، ويتعرض لاحقاً للاغتيال.

طبع حاتم علي صناعة هذا المسلسل بروح فلسطينية، معتمداً على أقصى ما يمكن أن يخرجه من مشاهد وانفعالات الممثلين في سنوات الحماسة لنهضة الدراما السورية، مستعيناً برواية واقعية لنكبة الشعب الفلسطيني، وتوظيفها بقالب يراعي الشكل، سواء في الأمكنة، مثل حلب وصافيتا وتدمر، أو من خلال المساعدين الفنيين والتقنيين الذين منحوا المحتوى رؤية بصرية جيدة عن منازل الفلسطينيين ومخيمات اللجوء، ونشوء المقاومين في الأحياء، إلى جانب المساحة الاجتماعية لواقع مستجد على كل فلسطيني تهجّر قسراً من منزله.

أرّخ الكاتب وليد سيف لرحلة التغريبة من خلال قصص عائلات وأحياء قريبة جداً من الواقع؛ فالكاتب ابن مدينة طولكرم، ويقال إنه استمد أحداث وشخصيات المسلسل من واقع عايشه وكتبه، ليتلقفه المخرج حاتم علي الذي نشأ في مخيم اليرموك.

يمكن وصف تجربة "التغريبة الفلسطينية"، بعد 19 عاماً من عرضها، أنها المرجع الدرامي الأكثر دقة في تفاصيلة لرواية ما حدث في الأراضي المحتلة، وقدرة الفلسطينيين على التعايش مع واقع مأزوم فُرض عليهم حتى اليوم ويدفعون ثمنه، مواظبين على مقاومة الاحتلال، بحسب المشهد الأخير من المسلسل الذي يخرج فيه حاتم علي نفسه، بدور صالح ابن الجولان المحتل، شاهراً بندقيته.

ف.أ/ح.خ

إقراوا المزيد:

شارك