يصادف اليوم ذكرى رحيل الممثل الإيراني المخضرم داود رشيدي الذي توفي في 26 أغسطس 2016.
وبهذه المناسبة تناول عدد كبير من المواقع الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي الذكرى.. ومن ضمن ما تم نشره ذكريات تعود إلى المخرج والممثل سروش صحت نشرتها مجلة "پاراگراف" ضمن ملف خاص بداود رشيدي، والمفاجأة أن رشيدي توفي بعد أيام قليلة من صدور هذه المجلة.
وتضمن هذا الملف ذكريات العديد من أصدقائه وزملائه الذين كثيرا ما تمنوا له في نهاية مقالاتهم الصحة والشفاء، إخترنا منها ما كتبه سروش صحت من ذكريات تحدث فيها عن جيرانه داود رشيدي.
نقرأ معا هذه المذكرة اللطيفة غير الطويلة:
"لقد وقعت في حب "آغاحسيني" بعد مشاهدة فيلم "الخلية"، ورغم ذلك كنت قلقا بعض الشيء عندما كان من المفترض أن ننقل أثاثنا ونأتي إلى المنزل الذي نعيش فيه الآن. شعرت بالخوف قليلاً عندما تذكرت هيبة وجلال "آغاحسيني"{دور داود رشيدي في فيلم "الخلية" للمخرج فريدون كله}. منذ عشر سنوات ونحن جيران السيد رشيدي، نفس "آغاحسيني" في فيلم "الخلية". لقد كتب الكثير عن "السيد رشيدي"، الممثل والمخرج والمترجم والمدير.. وأنا سأكتب هنا عن جار اسمه السيد داود رشيدي.
لا يزال السيد رشيدي يتمتع بنفس الشعر الكثيف الذي يتمتع به "آغاحسيني"، لكن الشعر تحول الآن إلى اللون الأبيض. لا يزال الشارب في مكانه ولم ينقصه شيء من الجلال والسلطان، لكن عليك أن تكون جاراً لـ السيد رشيدي" لترى الضحكة تحت ذلك الشارب الكثيف، وترى كيف يمكن الجمع بين الطيبة والقوة، وكيف يمكن أن يكون الإنسان لافتاً ومحط أنظار الخاص والعام، وكذلك يكون شعبياً ومحط أنظار الخاص والعام في نفس الوقت.
في حارتنا، الجميع يعرف السيد رشيدي. إذا اتصلنا بمطعم محلي لطلب الطعام، فبدلاً من إعطاء العنوان نقول نحن جيران "السيد رشيدي" وأي شخص يتصل بمنزلنا لأي سبب من الأسباب، من ساعي البريد إلى عامل الكهرباء وحتى الأقارب، عند توديعنا يقولون "أبلغوا سلامنا للسيد رشيدي أيضا"، هي عبارة ثابتة. عندما نطلب سيارة أجرة، يتحدث السائق عن الأوقات التي اصطحب فيها السيد رشيدي، وكلما اكتشفوا أننا جيران السيد رشيدي، يريدون معرفة مزاج السيد رشيدي وحالته.
{حفل عيد ميلاد للراحل داود رشيدي بمناسبة بلوغه الـ73 من العمر على هامش مسرحية في طهران}
{مسرحية من تمثيل سروش صحت زارها وتفرج عليها الراحل داود رشيدي}
السيد رشيدي هو أنموذج مثالي للكبار. من هؤلاء الكبار الذين يرون الخير ويستحسنونه بابتسامة أو نظرة، ومن ناحية أخرى يتجاهلون نقاط الضعف والمشاكل ويمررونها. في بعض الأحيان كان لدينا حفلة صاخبة ومزدحمة. في اليوم التالي، إذا اضطررت لمواجهة السيد رشيدي، أخجل من الاعتذار لأن ضحكة السيد رشيدي تقول: "الضيوف جيدون.. عندما كنتم سعداء الليلة الماضية، كنا سعداء أيضا" هذا ما يهدؤني. وهذه من أهم مميزات السيد رشيدي أنهم سعداء ويسعدون بسعادة الآخرين ومشاكل وانزعاج الآخرين تجعلهم يحزنون. السيد رشيدي يرى الآخرين وهذه جوهرة نادرة. عندما يأتي السيد رشيدي إلى الزقاق يرى زهور الأشجار والقطط المارة والعامل الذي يعمل في الزقاق، ولهذا السبب زقاقنا مليء بالزهور، وهو مأوى قطط الحي المارة، والعمال يعملون بقلبهم وأرواحهم من أجل هذا الزقاق.
لسنوات، لم أستطع التفكير بالذهاب إلى منزل آخر غير هذا المنزل لأعيش فيه. بالنسبة لنا، للسيد رشيدي وجه آخر غير الممثل والكاتب والمخرج والمترجم. السيد رشيدي جار وكبير حينا، ومن جرب هذا الحي سيكون من الصعب عليه أن يتخذ جاراً آخر".
يذكر أن من أهم ما بثته قناة آي فيلم العربية للراحل داود رشيدي يمكن الإشارة إلى مسلسل "العندليب" و"زهرة الربيع" وفيلم "شركة صيد الأسماك" حيث مثل بها أدوارا رئيسية.
ف.أ